الغلاف
سبيستون
الحكايات

لعله خير

"لعله خير"، هذه العبارة لطالما سمعناها، فهي ليست جملة عادية، و إنّما قاعدة عظيمة، لها صلة بالغة بأحد الأصول الإيمانية، و هي الرضاء بالقضاء و القدر. و معنا اليوم إحدى القصص التي حدثت قديماً، و كانت السبب في انتشار مقولة "لعله خير".

يحكى أنّه في قديم الزمان كان هناك أحد الملوك المشهور بحبه الشديد للصيد، و كان لهذا الملك وزيراً مقرباً منه، يتمتع بحكمة كبيرة، و هو على إيمان أنّ كلّ ما يقدره الله عز وجلّ للإنسان هو خير، فكان كلما أصابته مصيبة يردد جملته المعتادة: "لعله خير".

و في يوم من ذات الأيام، خرج الملك مصطحباً وزيره في إحدى رحلات الصيد المعتادة، و كان  كلّما تمكّن الملك من اصطياد فريسة، يردد وزيره "لعله خير"، و لكن حدث أثناء سيرهما فجأة مالا يحمد عقباه، فقد سقط الملك في حفرة عميقة في الغابة، فردد الوزير" لعله خير" لكي يهدأ الملك و يخفف من روعه، و لكن جرح الملك في يده جرحاً عميقاً، و نزف دماً كثيراً، مما استدعى عودته فوراً إلى القصر و إحضار الطبيب له.

فقال له الوزير: "لعله خير" و بعد أن رأى الطبيب يد الملك، قرر أنّه لابد من قطع إصبعه، لأتّه تسمم و أصبح خطيراً، و حتى لا يتضرر بقية الجسم، فغضب الملك غضباً شديداً و رفض قطع إصبعه في البداية رفضاً شديداً، و لكن استمر إصبع الملك في النزف، مما اضطره إلى تنفيذ ما طلبه الطبيب منه، و عندما علم الوزير بما حدث للملك قال: "لعله خير".

عندها غضب الملك غضباً شديداً، و ظن أن الوزير فرح بما يحدث له، فقال الملك للوزير بلهجة حادة و شديدة: و ما الخير الذي تراه في قطع إصبعي؟ ثم نادى على الحراس، و أمر بالقبض على الوزير، و وضعه في السجن فوراً، فرد عليه الوزير قائلاً: "لعله خير"، و مكث الوزير في السجن مدة طويلة. 

و مرّت الأيام، و كعادة الملك ذهب في رحلة صيد في غابة بعيدة عن المملكة، و عندما كان يطارد فريسة ابتعد عن حرّاسه، فوقع في يد جماعة من قطاع الطرق، و أخذوه هدية لزعيم قبيلتهم، و عندما تفحصه الزعيم، وجد إصبعه مقطوعاً، فأمر بتركه و إعادته من حيث أتى.

و عاد الملك إلى القصر مبتهجاً لنجاته من الخطف بأعجوبة، و قد أدرك أنّ إصبعه المقطوع هو سرّ نجاته من الموت المحقق.

و بعد أن عاد الملك سالماً إلى قصره، أمر بإخراج الوزير من السجن و إحضاره فوراً، و عندما رأى وزيره روى له ما حدث معه، و اعتذر منه على ما فعله به، و التفت إليه و سأله: إذا كان في قطع إصبعي خير، لأنّه نجاني من الموت على يد هؤلاء القوم! فما الخير الذي رأيته عندما أمرت بسجنك و قلت "لعله خير"؟!

ابتسم الوزير و أجابه بإيمان و حكمة قائلاً: لأنّ منصب الوزير يتطلب مني مرافقتك في كلّ خطوة تخطوها، فلو كنت اصطحبتني معك في رحلة الصيد هذه، لكان هؤلاء اللصوص أخذوني بدلاً منك، بعد أن اكتشفوا قطع إصبعك، فقال الملك و قد آمن بالقدر: حقاً لعله خير.


2022-04-14


الدخول إلى موقع سبيستون


كما يمكنك الدخول عبر


أو يمكنك تسجيل حساب جديد