الغلاف
سبيستون
المقالات
كوكب البنات فقط

الأمل الوردي

حين وصلت إلى الموعد الذي اتفقنا عليه فيما بيننا .. تفاجأت بتلك الشريطة الوردية التي أعرف معناها جيداَ ..

شعرتُ بالقلق .. اقتربت مني والبسمة تملأ وجهها .. ماذا بك ؟ تبدين وكأنك رأيت شبحاً !! ليصدر مني سؤال واحد : هل أنت ِ مريضة؟

ردت ضاحكة : إن كنتِ تقصدين السرطان فأنا لست مريضة .. وإن كنت تقصدين الجهل الذي حولنا فأنا مريضة بتحويله إلى علم عوضاً عن بقائه ينهش في عقول الكثر ممن حولنا !

احترت في جوابها .. ولما سألتها عن حالها قالت لي هل تقبلين الذهاب معي؟ وافقت ُ دون تردد وعندما اقتربنا من وجهتنا بدأت أفهم سبب كلماتها..

أمام المركز الطبي اجتمع بضعة فتيات يرتدين الشريطة الوردية .. في محاولة منهن للفت نظر المارات من السيدات عن أهمية التشخيص المبكر وأن هذا الشهر هو شهر التوعية بسرطان الثدي على وجه الخصوص .. لكن ردود الفعل كانت أكثر من مؤسفة!!

فقسم كان يستعيذ بالله من "ذاك المرض" وقسم كان يجيب باستهتار أنه يفضل الموت خيراً من أن يكتشف هذا الرعب ويعيش معه وقسم كان يتشدّق أن رسالة قد وصلته تحذره من أن الفحص هو الذي يسبب السرطان !! نظرت لصديقتي التي بحيرة سألتني : هل ترين ماذا كنت أقصد..ماذا سنفعل؟؟

فجأة.. تنبّهت إلى صوت جهوري ينادي الناس طالبا ًمنهم التجمّع .. بإصرار كان يعلو الصوت

  • من فضلك .. اقتربي
  • نعم أنت رجاء .. أنا أناديكِ
  • السيدة مع عربة الطفل أرجوك توقفي لن أؤخرك كثيراً ..

زاد عدد الناس.. اقتربنا أنا وصديقتي وبقية الفتيات المتطوعّات .. الناس فيما بينهم بدأوا يتساءلون ما الخطب .. حين علا صوتها فجأة:  أنا ... فقدت أمي ... تلفت الناس .. ظنوا أنها تفعل ذلك من حزنها على أمها .. حين تابعت .. فقدتها بالسرطان!

وسط الدهشة .. تابعت .. أنا اليوم لا ألوم السرطان.. ولا ألوم العلاج .. لكنني أقول .. ليتنا اكتشفنا المرض مبكراً ... لربما كان هناك أمل ما ... أرجوكم .. ارحموا أحبتكم من هذه الليت .. ومن هذا الألم الكبير.. المرض بذاته ليس قاتلاً إنما الجهل هو ما يصنع الويلات .. أرجوكم ادخلوا إلى الفحص فأحباءكم بغنى عن ألم كهذا .. هم بحاجة إلى أن تكونوا معهم وأنتم متوجين بالصحّة والعافية.. دمعت عيوننا .. صدق العاطفة في كلماتها جعلها أقوى .. ووسط دموع الحاضرين ودعواتهم لها بالصبر ولأمها بالرحمة.. بدأوا بالدخول و "أمل" - وهو اسمها كما فهمنا لاحقاً – تتحرك من هنا إلى هناك .. تساعد وتساند وكأنها عشر فتيات لا واحدة!

من أمل تعلّمتُ أن أكثر الجراح ألماً هو ما يمكن أن يكون أكبر أسباب القوة .. منها تعلّمت أن فاقد الشئ يعطيه بسخاء .. وأن التوعية للكشف المبكر أمر لا يتم بشهر أو شهرين إنما هو عمل اجتماعي يجب أن يكون جزءاً من حياة كل زمردة فينا .. تعلّمت ُ منها كيف يكون الأمل وردياً يصنع المعجزات..


2018-10-17


الدخول إلى موقع سبيستون


كما يمكنك الدخول عبر


أو يمكنك تسجيل حساب جديد